صحّة المرأة وحقوق الإنسان، حالة للتنمية الشاملة والمستدامَة

Statements

صحّة المرأة وحقوق الإنسان، حالة للتنمية الشاملة والمستدامَة

مساهمة الجامعة البهائيّة العالميّة في الدّورة ٤٤ لمفوّضيّة الأمم المتّحدة الخاصّة بالسّكان والتّنمية.

١٨ فبراير ٢٠١١

لقد كان من المناسب أن يكون محور هذه الجلسة لمفوّضيّة السّكان والتّنمية هو الخصوبة والصّحة الإنجابيّة. في حين كان هناك العديد من المداخلات الفعّالة الّتي تناقش مشاكل محدَّدة مثل إصابة النساء بمرض نقص المناعة البشريّة/الإيدز، ووفيّات الأمّهات، والحقوق الإنجابيّة، إلاّ أنّ النّهج ذو القضيّة الواحدة لم يعزِّز الإرادة المجتمعيّة والسّياسيّة لمناقشة صحّة المرأة، كما أنّها لم تخلق الظّروف الّتي تُمكِّن فيها النساء من اتّخاذ القرارات بشأن الإنجاب، وأن يصبحن أنصار تطوّرهن الذاتيّ. وفي هذه المساهمة للمفوّضيّة، نسعى إلى بحث الحاجة للإنتقال إلى نهج أشمل لمعالجة صحّة المرأة الإنجابيّة وحقوق الإنسان. نحن نقوم بذلك مسترشدين بفهمنا بأنّ الهدف النّهائي ليس هو فقط تمكين المرأة من المشاركة الكاملة في شؤون المجتمع ضمن النّظام الاجتماعي الحالي. بل يجب تمكين المرأة للعمل جنبًا إلى جنب مع الرّجل في بناء نظام إجتماعي جديد يتّسم بالعدل، والسّلام، والرّخاء الجماعيّ.

عندما يُنظَر إلى الموضوع بسياق أوسع، نرى أنّ التّمييز ضدّ المرأة هو واحد من العديد من أعراض المجتمع المريض. يتنافس الأفراد والجماعات مع بعضهم البعض في السّعي لتحقيق المصالح الذّاتيّة الضّيّقة، وانعدام الأمن والعنف حالتان شائعتان. وفي أغلب الأحيان، لم يتم تأسيس المؤسّسات الاجتماعيّة، والهياكل والعمليّات بطرق تخدم الصّالح العام على نحو فعّال، وعندما يحاول النّاس العمل داخل هذه الأنظمة للمساهمة في تطوير الصالح العام فإنّهم غالبًا ما يواجهون قيودًا منهجيّة أو تحدّيات سياسيّة مباشرة. إنّ ما هو المطلوب هو إعادة النظر بقوّة في الإفتراضات الّتي تقوم عليها النّظم الاجتماعيّة والآراء العالميّة الّتي توجِد هذه الأوضاع وتُديمها. وإلاّ فإن تطوُّر الجنس البشريّ والتقدّم الحضاريّ ببُعدَيه الروحانيّ والماديّ لن يتحقّق حتّى في ظلّ أفضل الجهود الإنسانيّة.

يمكن أن يتّصف النّظام الاجتماعي العادل والمنصف بأخلاقيّات المعاملة بالمثل- الفهم بأنّ مصالح الفرد والمجتمع الأوسع تتداخل وترتبط مع بعضها البعض ارتباطًا وثيقًا. ويوفّر الجسم البشري مثالاً جيّداً. فضمن هذا النّظام، تتعاون الملايين من الخلايا لتجعل الحياة ممكنة؛ ويعمل التنوّع في الشّكل والوظيفة على ربطها في عمليّة من الأخذ والعطاء تستمرّ مدى الحياة. فتماماً مثل أجزاء جسم الإنسان، تكون المجتمعات البشريّة كيانات مترابطة. وفي كثير من الأحيان، يترافق التمييز ضدّ النّساء والفتيات مع أمراض مجتمعيّة أخرى ويمكن أن يكون مؤشّرًا على الإنحلال الإجتماعي واسع النّطاق.


تُظهِر المشاكل الإجتماعيّة عادة نفسها في القضايا ذات الصّلة بالصّحة، مثل العنف المنزلي، والنّاسور، وسوء التّغذية. وعلى هذا النّحو، يمكن أن تخدم الرّعاية الصّحيّة بمثابة مَدخل هامّ للتعامل مع رفاه المجتمع، سواء من الناحية الجسمانيّة أو الروحانيّة. سيكون لدى مقدّمي الرعاية الصّحيّة الفرصة لفهم المشاكل الهيكليّة والإقتصاديّة والثّقافيّة، أو القانونيّة الّتي تواجهها الأسر بشكل أفضل من خلال الإنخراط في حوار مع النّساء وأسرهن، ويمكن أن تبدأ النّظر في كيفيّة تقديم خدماتها بطريقة تُمكّن النّساء وأسرهن من أن يكونوا أنصار تطوّرهم الذاتيّ.

إنّ الدّور الإنجابيّ للنساء يضعهنّ في خطر معيّن للإصابة بالأمراض الّتي تنتقل عن طريق الإتّصال الجنسيّ، والإعتداء الجنسيّ، والأمراض والوفيّات المرتبطة بالحمل والولادة.

تُلقي الإحصائيّات التّالية الضوء على ظروف الخطر لكثير من النّساء والفتيات:

خمسون بالمئة من حالات الحمل غير مرغوب فيها في جميع أنحاء العالم. إنّ نقص التّمكين الذّاتي، والتّمييز الجنسي المنهجيّ يعرّض النّساء لخطر هائل. إنّ الحمل وخصوصًا عندما يكون غير مرغوب فيه أو عندما يحدث خلال سنوات المراهقة، يضع الفتيات والنساء اليافعات في خطر المزيد من العزلة الإقتصاديّة، ويقلّل من فرص حصولهن على التّعليم، ويخلق دورة من التّبعيّة.

واحدة من أصل ثلاث نساء يتعرّضنَ للإعتدء خلال سنين حياتهنّ. إن أوبئة العبودية الجنسيّة والمتاجرة بالأشخاص مستمرّة في جميع أنحاء العالم، مع عواقب وخيمة على الضحايا وأسرهم.

أكثر من ٢٠ مليون امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة البشريّة/الإيدز، ممّا يضع الأطفال الّذين ولدوا والّذين لم يولَدوا بعد في خطرٍ كبير.

تقدّر منظّمة الصّحة العالميّة أنّ ٥٥٠٠٠٠ امرأة تموت أثناء الولادة في كلّ سنة- وفاة واحدة من الأمّهات أثناء الولادة في كلّ دقيقة. وفي البلدان الغير صناعيّة، تعاني عشرة أضعاف هذا العدد من النساء من عواقب وخيمة أثناء الولادة، بالمقارنة مع النّساء في البلدان الصّناعيّة.